
Joe Hammoura
Specialist in Middle Eastern and Turkish affairs, pursuing my Ph.D. in International Relations in Kocaeli University in Turkey. For more information, visit my website: joehammoura.com
Phone: +90 536 657 9076
Address: Izmit - Turkey
Phone: +90 536 657 9076
Address: Izmit - Turkey
less
InterestsView All (16)
Uploads
Papers by Joe Hammoura
لا يقتصر التمييز على الفئات الشعبية حصراً، إنما يُمارس التمييز، العملي واللغوي، طبقة من الساسة الذين غالباً ما يمارسون الضغط على النساء في البرلمان وضدّ الإعلاميات.
تدخل كلمة تركية تعني "إلزمي حدودكِ" ضمن مفردات اللغة الشعبية الكثيرة التداول، والتي غالباً ما يستعملها الساسة الأتراك ضد النساء إن أخذنّ موقفاً سياسياً ما، وضد الصحافيات إن سألن سؤالاً محرجاً. هذه الكلمة كثيرة الاستعمال في الشارع، وتقال للذكور والإناث، إلا أن هناك علاقة بينها وبين المفردات المستعملة للحط من قدر المرأة في الحياة السياسية. لا يقتصر التمييز والحط من دور المرأة على استعمال كلمة شعبية في المجالس السياسية والمنابر، إنما يتعدى الأمر ذلك بأشواط كثيرة حيث تواجه النساء التركيات تمييزاً في مجال العمل، والتمثيل في المراكز الرفيعة في المجتمع، وصراعاً على لباسها بين القوى الإسلامية والعلمانية التركية.
تحوّلت البلاد إلى مصدِّر أساسي للموارد الطبيعية على الصعيد العالمي، كما فتحت، في السنوات التي خلت، أسواقها للاستثمارات الأجنبية المتعلقة بقطاع التنقيب عن الموارد الطبيعية واستخراجها. أولت الدولة اهتماماً استثنائياً بهذا القطاع، وجعلت المساس به بمثابة المسّ بالأمن القومي. كان للأمر هذا مفاعيل لا يستهان بها: زادت نسبة أرباح تركيا من هذا القطاع، كما خلقت وظائف جديدة لسكانها. أُقرّت قوانين جديدة لتحفيز المستثمرين حيناً، وأُخذت إجراءات وأُقرّت تعديلات قانونية خففت من نشاطهم أحياناً أخرى. إلا أن السلطة حافظت على رغبتها بخصخصة قطاع التنقيب واستخراج الموارد الطبيعية بشكل دائم. مفاعيل سلبية أخرى رافقت تضخم هذا القطاع، كدفع البيئة وعمال المناجم ثمناً باهظاً مقابل زيادة أرباح الدولة وجشع الشركات المستثمرة.
حافظ "الإيغور" على هويتهم المتمايزة وآمالهم الدائمة بحكم ذاتي. لكن هذا الأخير كان قد تلاشى بحكم سطوة بكين وإيديولوجيتها الصارمة. فمنذ عام 1949، تاريخ دخول جيش الصين الشيوعي إلى إقليم "سنجان" حيث تقطن أغلبية "الإيغور" غرب البلاد، تراجع إستقلال هذه الأقلية في الكثير من الميادين، وخاصة السياسية منها. بات الكثيرون منفيون في البلاد المجاورة، من ماليزيا إلى تركيا، مروراً بباكستان وحتى ألمانيا.
غياب أي نجاح سياسي لهذه الأقلية لم يعنِ غياب تمايزها. بل باتت، بعد الفورة الدينية التي اجتاحت وسط آسيا في العقدين الماضيين، أكثر تمايزاً، وتسعى إلى إجبار الدولة على الاعتراف بهذا التمايز. لعب الإسلام، كدين وهوية ثقافية، دوراً أساسياً في تعزيز تمايز هذه الأقلية عن أكثرية الصينيين المنتمين إلى عرق "الهان". في حين سعت هذه الأخيرة الممثلة بالحكومة الصينية ذات التوجه الإشتراكي والميول الإلحادية، إلى دمج الأقلية المتمايزة وتذويب إيمانها، ولو إضطر الأمر إلى إعادة تدريسها دينها وهويتها الخاص وأقلمتها مع إيديولودجية الدولة.
في تركيا أكثر من مليونين ونصف مليون سوري، وهي عملت مؤخراً على منح جنسيتها للعديد منهم. أثارت هذه الخطوة حفيظة المعارضة المحلية، كما خوف من تلقوا الجنسية على طبق من فضة لإمكانية فقدان جنسيتهم الأصلية.
استهدفت الحكومة من خلال هذا المشروع فئة محددة من السوريين، وهي مقتصرة على المستثمرين، حملة الشهادات الجامعية وأصحاب الكفاءات، مستثنية بذلك الفئات الأكثر تهميشاً. هدفت أنقرة للاستفادة اقتصادياً من اللاجئين الذي يقطنون عندها، عبر منحهم الجنسية التي تسهل عليهم أعمالهم واستثماراتهم. وهي خطوة لطالما اعتبرها أنصار الحزب الحاكم متأخرة بعدما غادر الكثير من المستثمرين وأصحاب الكفاءات إلى أوروبا.
كما في الدول والمجتمعات “الإسلامية” الأخرى، كذلك في تركيا. اختلفت النظرة الرسمية حول الموضوع باختلاف إيديولوجيات حكامها. فمرّت السياسات المتعلقة بالحجاب في مراحل عدّة، حيث تمايزت كل مرحلة بسياسة رسمية ما، وأتت متوافقة مع إيديولوجية السلطة السياسية والدينية. رأى الحكم العلماني الذي فرضه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال “أتاتورك” أن الحجاب هو رمز للبُعد عن الحضارة والحداثة، وعمل جاهداً على إلغائه والتخفيف من حضوره، فيما استمر الحكم بعد وفاته عام 1938 على نفس النظرة تقريباً. ثم ما لبث أن عاد الحجاب إلى الفضاء التركي العام بقوة بعد وصول حزب “العدالة والتنمية” المحافِظ إلى الحكم عام 2002.
تعدّدت السياسات التركية المرتبطة بالحجاب الإسلامي، كما كان موضوع نقاش ديني وسياسي واجتماعي أساسي استمر حوالى قرن من الزمن. فحيناً كان حضور الحجاب طاغياً في المجتمع، وأحياناً أخرى كان حضوره بسيطاً، إلا أن نظرة المجتمع إليه توافقت غالباً مع هوية القوى السياسية الحاكمة. في المقابل، قام مروّجوه ومانعوه بالاتكال على الإيديولوجيا لفرض سياسات وقوانين مسّت الحريات الخاصة بالمرأة التركية والمجتمع بشكل عام، وتعاملت مع الحجاب كأداة فرض أو سيطرة حيناً، وتحرر أحياناً أخرى.
يعود جزء كبير من هذه المسؤولية الدينية – التاريخية التي ارتضاها الأتراك لأنفسهم إلى عوامل عدة. شكّلت تأثيرات الذاكرة الجماعية الإسلامية على هوية أتراك اليوم واحدة من أهم هذه العوامل. فيما لعب، كذلك، وجود طرق صوفية إسلامية متنوعة ومؤثرة في المجتمع التركي دوراً كبيراً في تلك المسؤولية.
لا تزال الطرق الصوفية تحظى باحترام موقّر وأتباع كثر وقدرات مالية هائلة مكنتها من المحافظة على تديّن المجتمع لحظة إطباق القوى العلمانية على الدولة والحكم عام 1923. وكانت الطرق قد عانت من قمع السلطة أسوة ببقية الأتراك، فمُنعوا من العمل على الأراضي التركية، كما أغلقت مراكزهم، وتحولوا إلى أعداء للدولة، ثم دخل قسم منهم إلى مضمار العمل السياسي وآخرون إلى العمل التربوي والإعلامي. فأدى هذا الأمر، في نهاية المطاف، إلى تأليب الأتراك على العلمانيين والجيش، فانتهى الأمر بأن ساهموا بإيصال حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي إلى الحكم في العام 2002، والمحافظة على سلطته.
ومنذ ذلك التاريخ، زاد نفوذ الطرق الصوفية في الدولة والمجتمع، فتحولوا من أعداء للنظام إلى مستفيدين من خيراته. ومن ثم إلى أدوات للدولة في السياسة الخارجية والداخلية، خصوصاً مع تبنيهم من قبل الحزب التركي الحاكم من أجل المحافظة على سلطته في الداخل وتعزيز تأثيراته السياسية والدينية والاقتصادية والثقافية في الخارج.
اكتشف أهل وزملاء الصحافي "هرنت دينك" تلك الحقيقة عن تركيا بعد فوات الأوان، وذلك عندما أقدم أحد الأتراك على إطلاق النار عليه في الشارع عام 2007. الصحافي ذو الأصول الأرمنية كان واحداً من أكثر الأشخاص المرموقين في المجتمع الأرمني التركي، وأحد المدافعين عن القضية والهوية الأرمنية، ومجاهر فذ بحقوق أبناء قوميته بالتعويض عما لحق بهم من ظلم عام 1915. لكن كل هذا النضال لم يثر أي مشكلة حقيقية بينه وبين الحكم، أو يسبب له أزمة عميقة مع النظام القانوني التركي، ولا انتبه كثر من الأتراك حتى إلى نضال "دينك" وما يدعو إليه. غير أن الأمور سرعان ما تغيرت يوم نشر تحقيقاً صحفياً عن ابنة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال "أتاتورك" وأثبت أصولها الأرمنية، فدفع حياته ثمناً لما كتبه، وأردته قتيلاً ثلاث رصاصات في الرأس. لتعود وتنطلق محاكمة للقاتل البالغ 17 سنة من العمر لحظة ارتكاب الجريمة وشركاءه، والتي لم تنتهِ فصولها حتى اليوم.
قبل ذلك بحفنة من السنوات، قام العرب، بقيادة الشريف حسين، بإعلان العصيان والتمرد على العثمانيين. حرروا المدن والإيالات شرق المتوسط، وطردوا “الأغراب” إلى الأناضول بمساعدة الإنكليز، فأنهوا الوجود العثماني المستمر منذ أربعة قرون متتالية. طوال تلك الفترة، تشعبت العلاقة بين عرب شرق المتوسط والأتراك، وحفرت تأثيراتها في وجدان تلك الشعوب، دون أن تخلو من صفات المديح والنكران، وتعابير البطولة والشرف أو من اتهامات الخيانة. فماذا بقي من الإرث العثماني عند عرب شرق المتوسط؟ وكيف ينظر الأتراك إليهم اليوم؟ ولماذ قدِم العثمانيون إلى تلك البلاد في الأصل؟
في موازاة الازدهار الاقتصادي واقتراب ميزان الربح العام من تعديل ميزان الخسارة، ارتفع دخل الأتراك في العقد الماضي، عدة أضعاف. تكدست الكثير من الأموال في حسابات الادخار، واستهلك غيرها كل أنواع المنتجات، فازداد نمو القطاعات الصناعية والزراعية والخدماتية، لتستدرك نجاح قطاعي السياحة والتجارة. أما الدولة، فلم يبقَ عليها سوى المحافظة على النمو العام وتعزيزه، وإدارة النجاح والمفاخرة به.
للدول الغنية أسلوب متشابه للمفاخرة بالنجاح. الدعاية تلعب دوراً مهماً، تماماً مثلما يفعل استعراض اللوائح الطويلة من رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، وطوابير السياح أمام الأبنية الشاهقة والمتاحف المثيرة. فيما تتكفل المساعدات المادية والعينية المتنوعة التي تقدمها للدول الفقيرة بدور رئيسي لإخبار العالم عن قصة النجاح. وهذا ما فعلته تركيا في السنوات القليلة الماضية بالضبط، إذ باتت واحدة من أبرز الدول التي تقدم مساعدات إنسانية حول العالم، فتخبر الجميع عن قصة نجاح التجربة التركية، وتتحول إلى حاجة لغيرها، ومؤثراً سياسياً واقتصادياً أينما حلّت.
شرَعت الحكومة سريعاً في البحث عن آلاف الموظفين، فوجدت بعضاً من ضالتها بالطرق الصوفية والمتحلقين حولها. أعطت الكثير من الوظائف البسطية إلى أتراك عاديين بعد إجراء مباريات وامتحانات روتينية، إلا أن الوظائف الأساسية أسندت إلى أنصار طرق صوفية مختارة بعناية. الركون لهذا الخيار ليس جديداً في البلاد، إذ إنّ جماعة "الخدمة"، التي شهدت ذروة قوتها البيروقراطية بين 2011-2016، هي فرع من الطريقة النورسية. كما أنّ الطرق الصوفية التركية تحمل إرثاً عريقاً من العمل الإداري، وتمتاز باجتذاب النخبة المثقفة والكفوءة والانتلجنسيا التعليمية والإعلامية، فكان لا مفر من توكيلها بالوظائف الرفيعة.
بعيداً عن السياسة، ومحاولة استفادة هذه الأطراف الثلاثة من القضية، أكان عبر طمسها أو ابتزاز الآخرين بها، يضيء مقتل جمال خاشقجي على وضع القانون الدولي، وموضوع الحصانة الدبلوماسية، والمسؤولية القانونية والأخلاقية المترتبة على كل من السعودية وتركيا والولايات المتحدة الأميركية في الكشف عن حقيقة الجريمة ومعاقبة مرتكبيها.